من كثرة الأقنعة ضعنا

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إذا كانت الثقافة تدخل في تفاصيل حياتنا اليومية المعيشية بكل ما فيها من عادات وتقاليد وتراث ولغة

إلى غير ذلكمن التفاصيل الحياتية التي تتراكم عبر الأجيال بسلبياتها وإيجابياتها،
فتصب فيوعاء الثقافة الذي يستوعبها جميعا.
ويمكن القول: بما أن الحالة النسبية هي الطاغية على ما هو مطلق،
فان ما يمكن أن يكون سلبيا في حقبة زمنية معينة، يمكنله أن يصبح ايجابيا في حقبة أخرى،
وعليه تصبح نسبية التكوين الاجتماعي هي التي تسمح للعوامل الذاتية وما تتمتع به من مزاجية أصحابها
بالتدخل وإقحام ثقافات جديدة بشكلها قديمة بمضمونها،
ومن ضمن هذه الثقافات المطاطية الاستخدام والتأويل، ثقافة الأقنعة.
حسب المراجع التاريخية فان كلمة قناع يعود استعمالهاإلى الزمن الذي راح فيه الممثل على المسرح الإغريقي
يضع القناع على وجهه لغرض إظهار وإيضاح الصفات الصارخة في شخصية البطل الذي يقوم بتمثيل دوره في المسرح،
أما العالم النفساني الشهير (كارل يونغ) فقد استعمل لفظة Persona للدلالة على القناع الذي يتحتم على كل فرد أن يلبسه
لكي يستطيع أن يلعب دوره بنجاح على مسرح المجتمع وهو بذلك يؤكد القيمة الاجتماعية الجماعية لهذا القناع
الذي يستطيع بوساطته الفرد أن يكيف نفسه بنجاح مع نظامه الاجتماعي
وان يحقق التوافق بينه وبين توقعات المجتمع عنه.
بعيدا عما ما قاله يونغ كيف تتمثل استعمالات القناع في واقع حياتنا؟
وما أثرها الرجعي على المجتمع والأفراد؟
أسئلة كثيرة قد تتبادر إلى ذهن قارئ المقال.
في معظم الأحيان القناع يشكل خطرا جسيما على المجتمع،
لأن الشخص الذي سمح لنفسه بإخفاء مكنونات ذاته وحقيقيةشخصيته خلف قناع أو عدة أقنعة،
هو إنسان فاسد الأخلاق، وفاسد الأخلاق هوبالضرورة فاسد بمجمل سلوكياته الحياتية التي يترجمها زيفا وكذبا أينماتوجه،
والقناع يمكن أن يكون جذابا ومغريا بالنسبة لمرتديه، لكنه يشكل وباء علىمن تقع عليهم تداعيات القناع،
وقد تتعدد الأقنعة فهناك القناع السياسي والاقتصادي والثقافي والإعلامي والتكنولوجي والحضاري،
هذا على الصعيد العام، أماإذا أردنا التفصيل أكثر فإننا أصبحنا لا نميز في هؤلاء وجههم الحقيقي لكثرة مايرتدون من الأقنعة
التي يجب أن تناسب كل المواقف فلكل مقام قناع خاص،
وتتعددهذه الأقنعة في البيئات العملية المتشابهة، ففي الأجواء الثقافية نجدها ولا نفتقدهاعكس المتوقع تماما،
على اعتبار أن الأوساط الثقافية هي دائما معقمة! لكن ماذا لوسألنا أحد المثقفين عن زميل له، في غيابه،
سيكون التقييم مختلفاً تماما عنه فيحال حضور الزميل، وثقافة القناع هنا تختلف عن النميمة،
لأن أصحاب الأقنعةيمدحون الشخص في وجهه رغم كرههم الشديد له
ورغم أنه في مقام آخر يكيد لهمالمكائد،
ومديح الشخص في وجهه رغم الكره الشديد له عملية يصعب تنفيذها لولاارتداء الأقنعة،
وارتداء الأقنعة هو معنى مجازي، فالأقنعة تحتاج إلى حرفية عاليةولا يستطيع أي شخص استخدامها،
وما يسقط على الوسط الثقافي يسقط على جميع مجالات الحياة

اعانكم الله وابعدكم عن الاقنعة

منقوووووول فديتكم