مقال / لــ فؤاد الهاشم

.. قبل ساعتين من دخولي الى غرفة العمليات في ذلك المستشفى الكبير بوسط «نيويورك»، نسيت – وكنت صائما قبلها «لزوم العملية» - فأكلت قطعة «دونت» صغيرة السكر فيها اكثر من.. «الذبان في الوفرة»!! علم الطبيب الجراح بذلك، فخيرني بين أمرين، أما تأجيل الجراحة إلى اليوم التالي – مع صيام جديد عن الاكل والشرب قبلها بحوالي 12 ساعة – أو.. ان يجري العملية بواسطة بنج موضعي «خفيف جدا» سوف اشعر معه بمستوى غير هين من.. الألم، فاخترت الحل الثاني حتى انهي مشكلتي مع اعصاب اليد اليسرى التي لازمتني لاكثر من خمس.. سنوات!! ألم مشرط الجراح – وهو يشق راحة يدي – اكثر من آلام امرأة تلد للمرة الاولى، لأن ألمي لعدم الكتابة عن ذلك المجرم الليبي المسمى بـ«معمر القذافي» وما يفعله – هو وأولاده من ذرية ابليس – اكبر واشد.. قسوة! ومع ذلك، لم اتوقع ان يضحكني «المملوح» - في أول يوم لي في الكتابة – بعد ان نشر حكاية عن العقيد وابنه مضى عليها ثماني سنوات تتعلق بزيارته الى هناك لطلب وساطة «سيف الاسلام» للافراج عن الاسرى الكويتيين في العراق! هذا الصمت عن الصراخ ضد الظلم وعدم النطق بالحق لا يليق بسلفي كويتي قبض خمسين ألف دينار من سمو الرئيس لاجل مبرته، بل يليق بـ(….) اخرس!! منذ اكثر من ربع قرن وأنا «اسلخ» في جلد العقيد – أو الفقيد القذافي – ونظامه وجماهيريته وبطانته وأولاده وكتبه وشعاراته، مما دفع وزارة الاعلام الكويتية الى تحريك العديد من القضايا ضدي بعد شكاوى من السفارة الليبية عبر وزارة الخارجية، اخرها، منذ حوالي سنتين، وكانت شكوى – مباشرة – هذه المرة من «الفقيد – القذافي».. نفسه، وقد نشرت «الوطن» الخبر في حينه على صدر صفحتها الاولى! هذا وانا لست.. سلفيا أو اخوانجيا أو صوفيا أو جهاديا أو من عشاق نظرية «الولي الفقيه»، بل.. ليبرالي، علماني، بورجوازي، رأسمالي، تقدمي، تحرري، امبريالي، و.. «مموشي ومعبوجي»!! في مطلع «الفاتح من سبتمبر» عام 1987، تلقيت دعوة من «القائم بأعمال السفير الليبي» في الكويت «حسونة الشاويش» لحضور احتفال بهذه المناسبة، وحين جاء دوري للسلام عليه رحب بي بصوت عال – سمعه العديد – من الحضور وبينهم سفراء عرب واجانب ومدعوون كويتيون قائلا.. «أهلا بالرجل.. الأحمر»، في اشارة الى كتاباتي في – ذلك الزمن - «اليسارية الاشتراكية الماركسية الموالية للاتحاد السوفييتي والمعسكر الشرقي.. الى آخره» - لم ابلع ما قاله، وجاء ردي عليه سريعا وبلا تفكير مسبق حين قلت.. «أهلا.. بالرجل الاخضر»، في اشارة مني الى «الكتاب الاخضر» للعقيد، وايضا، لأن مسلسلا امريكيا كان يبث في ذلك الوقت عبر شاشة تلفزيون الكويت ويحكي قصة رجل يتحول «وقت الصجية» - الى عملاق لونه اخضر ويلاحق «الرجال الاشرار»!! ضج الحضور – القريب من طابور المهنئين للسيد القائم باعمال السفير – بالضحك، فجذبني «الشاويش» من يدي حتى ألصق فمه بأذني – بعد ان شعر بالحرج الشديد- وقال.. «زودتها شوي»! لم ارد عليه، بل سحبت ذراعي بأكمله منه، وغادرت الحفل!! لم استغرب بدء الثورة الشعبية ضد هذا الزعيم الليبي المخبول، فقد كان ذلك امرا متوقعا منذ أمد بعيد، لكن الاستغراب هو.. «لماذا تأخر الشعب الليبي كثيرا حتى تحرك»؟!
٭٭٭
.. العنف الذي تمارسه بعض الانظمة العربية ضد شعوبها سببه – باختصار شديد وبلا فلسفة فارغة – انها.. «تملك كل شيء ولا تريد ان تخسر ما لديها»، يقابل ذلك عنف من الشعوب ضد ممارسات انظمتها لانها – اصلا – ليس لديها.. ما تخسره كونها لا تملك شيئا في الاساس!! الخلاصة.. «لو ان من يملك كل شيء، اعطى – قليلا – مما لديه لمن ليس لديه شيء، لما تساقط هؤلاء الحكام العرب وكأنهم قصاصات من.. الرسوم المتحركة»!! اعتقدوا انهم – بجيوشهم وضباطهم وشرطتهم وحرسهم ونشيدهم وطلتهم وكاميراتهم وحلهم وترحالهم – قادرون على «تخريع» شعوبهم وتخويفهم، فاذا بهم أول «المخترعين والخايفين» و.. الهاربين!! حكمتك يا رب!!
٭٭٭

.. خلال احداث ثورة 25 يناير في مصر، كنت اتنقل بين الفضائيات – عبر الريموت كنترول – لمتابعة ردود افعال اهلها لما يحدث في «المحروسة» حتى وصلت الى قناة فضائية عراقية خاصة كان المذيع – خلالها – يجوب شوارع بغداد ويسأل المارة عن رأيهم في غضبة شباب مصر، حين علق أحد العراقيين – بغضب – على ما يحدث في ميدان التحرير قائلا.. «هاي ثورة.. هاي»؟.. «ليش ما يدخلون على القصر الجمهوري بالدبابات ويسحلون الرئيس ووزراءه، ويكتلونهم.. كتل، ويخلون لون الدم في نهر النيل أكثر من الطماطم المفعوص في سوق.. الخضرة»؟!
.. «يا لطيف على هالعراقي.. الأصلي»!
٭٭٭
.. آخر كلمة:
.. أمر غريب.. يحيرني! كل هذه الثورات في العواصم العربية، وتلك الملايين التي تهتف وتتظاهر وتلعن وتصرخ و.. لم يتم حرق علم أمريكي أو إسرائيلي واحد!! ما هو السبب.. يا ترى؟ علما بانه.. ما اجتمع عربي وآخر في مظاهرة الا وكان العلم الاسرائيلي – أو الامريكي – المحترق.. ثالثهما؟!

فؤاد الهاشم

جريدة الوطن الكويتية

تسلم اخوي صالح على النقل وهذا الطرح من الكاتب
وكم هو جميل بما قدمه ولخصه في اخر مقالته
دمت بعافيه

صالح العريف..

شاكره لك كل الشكر لطرحك اخوي
لك ودي واحترامي..

الي يبي يعرف فضايح العرب مع الإستخبارات الإسرائيليه وطبعا اقصد الحكومات العربيه وفضايح حزب الله وقطر يتابع هذا الكتاااب .... انا من عشاقه ... مايخاف لا من حكومه ولا فرد مايهمه دوله ولا شي ... وكثير ما ينقل ويكتب اخبار حصريه وسريه في مقاله اليومي ... أنصحكم تااابعووووهـ .... أبو فهد تسلم يمنااااك على النقل المميز لكاتب مميز ... دمت بود