النســـر
عمر أبو ريشة
أصـبح الـسفح مـلعبا للنسور*
فاغضبي يا ذرا الجبال وثوري
إن لـلجرح صـيحة فـابعثيها*
فـي سـماع الدنى فحيح سعير
واطـرحي الكبرياء شلوا مدمى*
تـحت أقـدام دهـرك السكير
لملمي يا ذرا الجبال بقايا النسر*
وارمـي بـها صدور العصور
إنـه لـم يعد يكحل جفن النجم*
تـيـها بـريـشة الـمـنثور
هـجر الوكر ذاهلا وعلى عينيه*
شـيء مـن الـوداع الأخـير
تـاركا خـلفه مـواكب سحب*
تـتهاوى مـن أفـقها المسحور
كـم أكـبت عـليه وهي تندي*
فـوقه قـبلة الضحى المخمور
هـبط السفح طاويا من جناحيه*
عـلـى كـل مطمح مـقبور
فـتبارت عصائب الطير ما بين*
شــرود مـن الأذى ونـفور
لا تـطيري جوابة السفح فالنسر*
إذا مـا خـبرته لـم تـطيري
نـسل الـوهن مـخلبيه وأدمت*
مـنـكبيه عـواصف الـمقدور
والـوقار الـذي يـشيع عـليه*
فضلة الإرث من سحيق الدهور
وقـف الـنسر جـائعا يـتلوى*
فـوق شـلو على الرمال نثير
وعـجـاف البغاث تـدفعه*
بالمخلب الغض والجناح القصير
فـسرت فـيه رعشة من جنون*
الـكبر واهـتز هـزة المقرور
ومضى ساحبا على الأفق الأغبر*
أنـقـاض هـيـكل مـنخور
وإذا مـا أتـى الغياهب واجتاز*
مـدى الـظن من ضمير الأثير
جـلجلت منه زعقة نشت الآفاق*
حـرى مـن وهجها المستطير
وهوى جثة على الذروة الشماء*
فـي حـضن وكرها المهجور
أيـها النسر هل أعود كم عدت*
أم الـسفح قـد أمـات شعوري