خبر عن النظيم في جريدة الاقتصادية

الحي الذي مات قبل أن يولد.. "النظيم" بلا خدمات ولا مرافق!

بندر الشحيتان من الرياض - - 12/10/1429هـ

رغم أن حي النظيم (شرق الرياض) يعد أحد الأحياء حديثة النشوء نسبيا ضمن أحياء مدينة الرياض، إلا أنه يعد أقل أحياء العاصمة السعودية تطورا وتنظيما، وأكثر هذه الأحياء إشكالات خدمية ومجتمعية، ويعد الحي الذي يضم بضعة آلاف من السكان، من أبرز الأحياء التي يعاني سكانه نقصا واضحا في الخدمات. يقع حي النظيم في أقصى شرق الرياض ممتدا على الجانب الشرقي من طريق خريص وانتهاء بطريق الدمام السريع، تقبع إلى جواره العديد من الدوائر والمنشآت المهمة، من أبرزها جامعة نايف للعلوم الأمنية، كلية الملك فهد الأمنية، الحرس الوطني، ستاد الملك فهد.

جولة "الاقتصادية" على "النظيم" استغرقت ثلاثة أيام، قمنا خلالها باستضافة العديد من المواطنين من سكان هذا الحي، وصادفنا منهم مطالبات تتجاوز مساحتنا التي خصصناها لصفحات "أحياء"، شكاوى كثيرة حول نقص الخدمات أسوة بالأحياء الأخرى التي تتمتع بمرافق عامة وخدمية، مطالبات بتوفير بلدية فرعية، مركز للهلال الأحمر، حدائق ومتنزهات عامة، طرق للمشاة، أرصفة لشوارع الحي، تمديد خطوط الإنارة في الشوارع، تصريف مياه للمجاري، إزالة المخلفات المحيطة بالحي، إغلاق الأسواق العشوائية غير النظامية، تنظيم الحي مروريا، والكثير الكثير من المطالبات المنطقية التي يبحث عنها سكان أي بقعة في العالم.

في البداية التقينا بفواز العنزي (موظف حكومي وهو أحد سكان حي النظيم الذين قدموا منذ إنشاء الحي)، وقال لنا متذمرا: "هناك معاناة واحتياجات كثيرة تنقص الحي، الذي أهمل من قبل الجهات المعنية بشكل كبير دون غيره من أحياء العاصمة الأخرى، يشاهد الكثيرون ما يحدث على طريق خريص الذي يتقاطع مع مداخل حي النظيم، حيث وقعت حوادث مرورية شنيعة أدت إلى وفاة الكثير من الأهل والأصحاب، والسبب يعود إلى وقوع أسواق الماشية بمحاذاة طريق خريص، وعبور السيارات إليها عشوائي لعدم وجود حواجز أسمنتية تفصل طريق خريص"، مستذكرا حادثة وقعت على الشارع نفسه، حيث أدى انحراف شاحنة نقل كبيرة خاصة بالمواشي بعد انطلاق أحد إطاراتها أثناء الانحراف، ما أدى إلى مقتل أحد المواطنين، مشيرا إلى أن وقوع مصب تفريغ مخلفات الصرف الصحي على الشارع نفسه وعبور الشاحنات وقطعها للشارع دون مبالاة يؤدي إلى حوادث ووفيات كثيرة، إضافة إلى أصحاب هذه الشاحنات يتركون الصنابير مفتوحة ما أوصل الروائح الكريهة إلى منازل أهالي الحي.

شاحنات من المشاكل

ويذهب فواز بحديثه إلى الشاحنات التي تسبب مشاكل كثيرة للحي حسبما قال، "وقوف الشاحنات على مداخل ومخارج الحي سبب لنا إزعاجا وعدم انسيابية في الحركة المرورية، لذلك اقترحنا على المرور وضع حواجز أسمنتية بين الشارعين، أو تكثيف الدوريات الأمنية بشكل دقيق على الشارع نفسه للتخفيف من معاناتنا والحد من حوادثهم الشنيعة التي سلبت أرواح الأبرياء"، مشيرا إلى أن كثيرين يلاحظون أن أصحاب الشاحنات أصبحوا غير مبالين بالحوادث اليومية، وذلك بسبب حمايتهم بوثائق تأمين المركبات، والذي شجعهم على تكرار الأخطاء بشكل ملحوظ.

التفحيط ظاهرة سببت مشاكل كثيرة لأهالي حي النظيم كما يذكر العنزي، فالشبان الطائشون في الشوارع العامة يسببون إزعاجا للأهالي ويتسببون بحوادث قد تقضي على أرواح الأبرياء، مشيرا إلى أن ظاهرة التفحيط استمرت طيلة شهر رمضان الماضي، بداية من انتهاء صلاة التروايح وحتى صلاة الفجر يوميا، متسائلا عن دور الدوريات الأمنية والمرور، وطالب العنزي بضرورة إيجاد حلول سريعة من قبل الجهات المعنية، وإنشاء فرع للمرور في الحي للحد من الظواهر السلبية التي تؤثر في شكل الحي وفي سكانه.

بلا مرافق.. بلا خدمات

ويكمل فواز العنزي حديثه عن الحي الذي يرى أنه بلا خدمات، "لا يوجد لدينا أي مرافق عامة أو ملاعب أو متنزهات للعائلات، أبناؤنا يقضون أوقات فراغهم في لعب الكرة في الشوارع أو في الساحات الفارغة على أطراف الشوارع العامة"، مطالبا الجهات الحكومية بإنشاء بعض الحدائق والمتنزهات والملاعب للحد من استهلاك أوقات فراغ العائلات والأبناء في أماكن غير مجهزة لهذا الأمر، واستيعاب طاقاتهم في أماكن مناسبة لممارسة الرياضات المختلفة، وعرج العنزي على حفريات الطرق الموجودة من فترات طويلة، والتي تعوق السير وتسبب إزعاجا للسيارات العابرة.

البحث عن العمدة!

في ختام حديثه لـ "الاقتصادية" وجه فواز العنزي عتابا إلى عمدة حي النظيم، متسائلا عن دوره في نقل مشاكل الحي إلى المسؤولين، مطالبا إياه بالمشاركة في حل مشاكل وهموم أهالي الحي اليومية، مشيرا إلى أن الدور المطلوب من عمد الأحياء لا يتمحور حول التعريف بالأشخاص القاطنين في الحي فقط، بل يتعدى ذلك إلى التعريف بمشاكل الحي لدى المسؤولين، وإيصال طلباتهم الخدمية، والبحث عن حلول سريعة للمشاكل التي يعانونها.

الخدمات صحية

وعن اكتمال الخدمات الصحية في الحي، تحدث المواطن فيصل العنزي (أحد سكان حي النظيم)، وقال: "الحي تنقصه خدمات صحية، فالمركز الصحي الموجود غير مهيأ لاستقبال حالات كثيرة، ولا يوجد مستشفى قريب للحالات التي تستلزم علاجا سريعا يفوق إمكانيات المراكز الصغيرة"، مستشهدا بكثرة الحوادث المرورية التي حصلت على طريق خريص، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الحي لا يوجد به سوى مركز صحي صغير لا يغطي عدد سكان الحي الكبير، ولا يخدم الحي بشكل مناسب، ولا يوجد فيه سيارات إسعاف وله وقت معين لدوام موظفيه لا يتجاوز ثماني ساعات.

يقول فيصل إن أقرب مستشفى للحي هو مستشفى الملك فهد للحرس الوطني والذي لا يخدم سوى موظفي الحرس الوطني، ثاني أقرب المستشفيات هو مستشفى اليمامة الذي يبعد عن الحي 50 كيلومترا، ولا يخدم سوى الأطفال، نريد من وزارة الصحة التحرك لإنشاء مستشفى عام يخدم حي النظيم والأحياء المجاورة له كالجنادرية والندوة وغيرها من الأحياء الأخرى.

قسم للمرور

كثرة الحوادث المرورية في الحي تحتاج إلى قسم للمرور لفض النزاعات في الحوادث المرورية كما يرى فيصل العنزي، مشيرا إلى أن استدعاء دورية مرور لمباشرة حادث مروري في الحي تتطلب انتظارا قد يدوم لساعات حتى وصولهم مكان الحادث، أما المعاملات المرورية الخاصة بأهالي الحي فتستلزم حضورهم إلى حي الملز (وسط الرياض) لإنهائها، إضافة إلى عدم توافر إشارات مرورية داخل الحي لفض الاشتباكات والزحام الذي ينتج عن العشوائية في التقاطعات، مشيرا إلى كثرة المطبات العشوائية غير النظامية في الحي، كما طالب فواز باستحداث فرع للبلدية، فشوارع الحي الفرعية بلا مسميات، فالمسميات هي فقط للشوارع العامة فقط والبقية منسية.

مخلفات البناء

وفي أحد ممرات الحي التقينا بالمواطن سلطان المخيليل، والذي اصطحبنا إلى أرضه التي أصبحت مكانا لرمي مخلفات البنايات حتى غطت الأرض بالكامل، يقول: هذه المناظر تتكرر بشكل دائم، فتجد أن معظم أراضي الحي والتي لم تبن بعد تتعرض لما يقوم به بعض المقاولين برمي مخلفات بناياتهم من أسمنت وأخشاب وعلب فارغة داخل هذه الأراضي دون خوف من نتائج أعمالهم، إضافة إلى أن بعض أصحاب الصهاريج يفرغون حمولات صهاريجهم من مياه الصرف الصحي داخل هذه الساحات، وهذا مما ينتج عنه خروج روائح كريهة تؤذي الأهالي في الحي، إضافة إلى أنها أصبحت مرتعا للحشرات والبعوض والقطط الشاردة، وهناك أيضا تجد الشوارع مليئة بمياه المجاري التي تسببت بحفريات للطرق وتشويه للمنظر العام، مشيرا إلى أن الأهالي طالبوا بحلول لمشاكل الصرف الصحي وتصريفها عبر مجارٍ في الشوارع، لكن لا حياة لمن تنادي.

مراتع المخالفين

يؤكد المخيليل أن حي النظيم أصبح مرتعا للعمالة المخالفة التي تعمل بطريقة غير نظامية، مطالبا بوضع حد لمثل هذه التصرفات من العمالة السائبة التي لا تستند إلى مرجعية نظامية أثناء رميهم المخلفات، مشيرا إلى أن أطراف حي النظيم تحوي كميات كبيرة من النفايات والمخلفات، وكثيرا ما يزعج الأهالي حفر الطرق من قبل شركات المياه والكهرباء والهاتف وتركها الحفريات لشهور طويلة مما يسبب إرباكا للحركة المرورية، وتلفيات تتعرض لها سيارات أهالي الحي بسبب هذه الحفريات.

وأبدى المخيليل استياءه من إهمال نظافة شوارع الحي وعدم تنظيفها أولا بأول، حيث تترك الحاويات الكبيرة والصغيرة فترات طويلة قبل تفريغها، وعملية تنظيمها سيئة لتوسطها الطرق ما تسبب بحوادث شنيعة وضيق للشوارع، متسائلا عن سبب عدم وضع الحاويات إلى جانب الطريق.

معالم غير حضارية

وحول المعالم الموجودة في حي النظيم، نفى المواطن محمد الهرماس الموظف في أحد المستشفيات الحكومية وجود أي معلم حضاري في حي النظيم، مشيرا إلى أن ذلك يعود إلى عدم اهتمام الجهات الحكومية بالحي وعدم تلبيتها لمعاناة وشكاوى السكان، يقول الهرماس: "هناك جدار مغلق من جهاته الأربعة يقال إنه سيكون حديقة للحي، إلا أنه وعند دخولك إليه تجده ساحات خالية من الخدمات ووسائل الترفيه، والآن هو مكان مهمل ترك عرضة للعابثين"، ويروي الهرماس أن أطفالا في الحي استغلوا الشارع المجاور للحديقة بتخطيطه وجعله ملعبا لكرة القدم، وهو أمر غير آمن لهم.

ويكمل الهرماس حديثه عن الإهمال الكبير الذي يعانيه الشكل العام للحي، فلا توجد متنزهات أو مرافق عامة أو حدائق، حتى الشوارع مهملة حسب رأيه، وشكى الهرماس أيضا من قلة المساجد الكبيرة (الجوامع) في الحي، فلا يوجد سوى مسجد كبير واحد تم إعادة ترميمه من قبل فاعل خير، وتحيط به النفايات الآن لعدم تنظيف الشوارع حوله، كما أشار إلى أن سوق الخضراوات في الحي غير نظامية ويجمع باعة مخالفين، متمنيا من البلدية أن تجد حلا للاستراحات الواقعة جوار المنازل، وما ينتج عن مرتادي هذه الاستراحات من تصرفات غير مريحة لسكان المنازل.

أسواق غير نظامية

وحول الأسواق العشوائية غير النظامية التي يفترش أصحابها الطرقات ، تحدث المواطن محمد ناوي الوثيري قائلا: هذه الأسواق كثرت في الحي، منها ما يبيع الملابس الجاهزة النسائية والتي تتخذ الطريق السريع في أحد مداخل الحي موقعا لها، وتسيطر عليه مجموعة من النساء المقيمات بصورة غير نظامية، كما يشير الوثيري إلى وجود سوق للخضار على مدخل الحي يقوم عليه عمالة مخالفة، يقع على امتداد طريق خريص، كما يوجد سوق آخر للخضار داخل الحي، ويقع أيضا على الشارع الرئيس في الحي، كما يوجد سوق خضار مجاور لمسجد سلمان الفارسي والذي يسبب إزعاجا دائما للمصلين، ويقوم عليه باعة من العمالة المخالفة، كما امتهن عدد من العمال المقيمين بصورة غير نظامية الحدادة في ورش غير نظامية داخل أحواش خاصة في الحي، وهو الأمر الذي لم يجد له أهل الحي حلا حتى الآن.

وهذا رابط الخبر من الجريدة

http://www.aleqt.com/newscat.php?do=showcat&id=407

http://www.aleqt.com/news.php?do=show&id=145676