عند انتظار دوري لدى المخبز ، كان أمامي شخص ينظر يمينا وشمالا وكأنه يبحث عن أحد وعندما سألته : ما بك كأنك تريد شيء أو تريد من يحفظ لك دورك ، ضحك وقال :لا..لا شكرا أخي بس أنا خائف من التأخير عن العمل والطابور طويل ، قلت له: أين تعمل ؟: قال: في شركة ، وأحب أن أذهب دائما مبكر وهذا ما تعودت عليه من أول يوم كنت أعمل هناك ، قلت له سوف يسير هذا الطابور بسرعة ولأنك على استعجال تراه بطئ ، قال : ليته يسير كما تسير الأمور في بيت الوالد !! قلت له : بيت الوالد !! قال : نعم ... إن في بيت والدي نظام جميع أخواني وأخواتي ملتزمون به إلى يومنا هذا قلت له : هل يمكنني معرفة هذا ؟! قال من أول يوم عملت فيه وأنا أنظر إلى أخوتي وهم يجلبون المواد الغذائية إلى بيت أبي الذي أنتهى من العمل وأصبح في البيت ، وهن لا يمر شهر إلا وهم يجلبون أحتياج منازلهم إلى هذا البيت ويتم الطبخ في البيت الكبير ومن ثم يتوزع علينا وكل عائلة منا تأخذ الأكل المحسوب على أفرادها ، قلت له كم أنتم ؟ قال : خمسة أبناء وأربع بنات وجميعنا متزوجون والجميع قد تم تقسيمهم لحمل نوع من المواد الغذائية التي يحتاجها المنزل ويتم الطهي في هذا البيت على مستوى البنات وزوجات الأبناء والكل يساهم في هذه العملية ومن ثم ينتهي الشوط بهم وينعمون بالحديث حتى نأتي من أعمالنا ويأخذ كل شخص فينا طعامه ويذهب مع زوجته الى منزله الخاص . قلت له : يا أخي هذه عاده طيبة وأنتم بين والديكم وهم يحتاجون لكم في هذا العمر ويرتاحون لمشاهدتكم ، وهل أنت تأخذ هذا الخبز للجميع كما تقول ؟ قال لا .. هذا لي لفترة الاستراحة في العمل ، قلت له : أن عملكم هذا يجعلكم تقون على الحياة ومتاعبها وتتحملون أعباء بعضكم ، كما وتقسمون حملكم على الجميع حتى يسهل حمله ، لقد ربى أبيك رجال ونساء ومدهم بقوة التعاون وجمع بالحب والألفة قلوبكم .
وإلا نحن أمام الخباز يقول بكم تريد ، وأنهى الحوار بالوداع والسلام وفرصة المعرفة بشخص يحمل روح التعاون الأسري والمحافظة على عدم تفكك أسرته .