![]() |
كلمة الإدارة |
![]() |
|
|
المنتدى العـــــام [ منتدى الحوار والنقاشات العامة في كافة القضايا المختلفة ] |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#1 |
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 311
![]() |
![]() يبدو أن مسرحية دريد لحام (كأسك يا وطن)، وبالرغم من قدمها، ما زالت مناسبة للتعبير عن الحاضر، وأن تاريخ صلاحيتها سيمتد إلى أجل غير مسمى. ذلك أن القضايا التي تناولتها قبل ثلاثة عقود من الزمان لم تزل (سارية المفعول)، أي أن الهموم والمشاكل وأساليب علاجها الرثة لم تتغير، وهي الحالة التي عبّرت عنها إحدى شخصيات المسرحية بقولها: «طول عمرك يا زبيبة»! سيبقى ماثلا في ذاكرة من شاهدوا تلك المسرحية كيف ذهب المواطن غوار الطوشة إلى المستشفى ليتأكد من «جاهزيته» قبل أن يأخذ إليه زوجته (رضية) التي يتوقع أن تنجب له بنتا بعد تسعة شهور! فهو وإن كان قد تزوج البارحة، لا يريد أن يترك شيئا للمصادفة. أثناء حديثه مع الممرضة عن تلك «الجاهزية» رأى صرصارا يمشي مختالاً على أرضية المستشفى، فلفت انتباه الممرضة إلى ذلك، حينها ردت الممرضة قائلة: «لا.. لا .. هذا مو صرصور هيدي فراشة.. فراشة»، ليكتشف غوار أن المستشفى مليء بالفَرَاش! ترى ما هي القواسم المشتركة بين تلك الممرضة البسيطة وجوزيف غوبلز وزير الدعاية السياسية في عهد أدولف هتلر، ونظرائه في كل زمان ومكان؟ لا يحتاج الأمر إلى درجة عالية من الذكاء لمعرفة تلك القواسم المشتركة. فالاثنان، الممرضة وغوبلز، يخدمان مؤسسة تعيش في ظل كذبة كبيرة، حيث يصبح الصرصار فراشة، أو العكس. والاثنان يكذبان الكذبة ويصدقانها، ويريدان من الآخرين تصديقها، والاثنان يستخفان بعقول الناس، والاثنان بلا قلب، لأن المثل يقول: «من ذهب حياؤه مات قلبه»! تغيرت وسائل الاتصال، فأصبح العالم بأسره قرية واحدة. يمكن للمرء الآن أن يكون حاضرا في أي بقعة من بقاع العالم دون أن يغادر بيته. لكن عقلية التعتيم الإعلامي التي تعمل لخدمة الهيمنة والتسلط بقيت على حالها. ما زالت تلك المدرسة الإعلامية بمضحكاتها قائمة. ما زالت تسمي الصرصارَ فراشةً، والصفعةَ على الوجه تدليكاً، أو «شوية مساج» كما تعبر الممرضة في المسرحية ذاتها. لسنا بحاجة إلى تقليب صفحات التاريخ بحثا عن نماذج مشابهة لهذا الشكل من أشكال (الكذبولوجيا). حيث الغاية لدى ذلك المنهج الإعلامي تبرر الوسيلة. لكن ما سر تلك الرغبة المسعورة في التسلط بوسائل أخفها الكذب وأفظعها القتل بدم بارد. يفسر لنا الشاعر الروماني الأصل إميل سيوران ذلك في كتابه (تاريخ ويوتوبيا) تحت عنوان (في مدرسة الطغاة) قائلا: «من لم تغرهِ الرغبة في أن يكون الأول في المدينة لن يفهم شيئا من إرادة إخضاع الآخرين لتحويلهم إلى أشياء».. ويضيف قائلا: «للحصول على إهاب طاغية لا بد من خلل عقلي.. وللكف عن ذلك لا بد من خلل آخر». وها نحن نشاهد، هذه الأيام، بالألوان وعلى الهواء مباشرة، فصولا من ذلك الخلل العقلي في صيغة ملهاة مفجعة tragi-comedy يمتزج فيها الجد بالهزل والبكاء بالضحك! حسن السبع
جريدة اليوم 3مارس2011 |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|