الموضوع: من هو الصعلوك
عرض مشاركة واحدة
قديم 25-01-2010, 01:19 PM   #15
معلومات العضو
alshemailat
 
الصورة الرمزية الشميلاني
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
الشميلاني is on a distinguished road

افتراضي رد: من هو الصعلوك


وكان لي في وادي حظــوة -هذّا الذي نشرف عليه ونجلس في علياءه - صولات وجولات مع بني سلامان وهي قرية سميت باسم ذلك الوادي المشهور الذي يعود لبني فهم من دوس وتبعد عن المندق حوالي 8 أميال ووادي أبيده وهو الوادي المشهور بفاكهة الرمان التي ما زلتم تتذوقونها وتجنونه ثمراتها حتى اليوم ثم قرية منحل القريبة من وادي أبيده والتي أخذت اسمها من انشغال أهلها بتربية النحل وإنتاج العسل منذ عصري وحتى عصركم هذا
حيث اقول عنها في شعري :
ويوما بذات الرأس أو بطن منحل
هنالك تلقى القاصـي المتغـورا
وأقول في بيت آخر :
أمشي بأطراف الحماط وتارة
تنفض رجلي بسبطا فعصنصرا
وهـو جبل في ديار بني سلامان ، و لقد أوردت في شعري كما ذكرت سابقا أماكن وأودية وقرى وعليكم الرجوع إلى كتـَابـَي صفة جزيرة العرب للهمداني ومعجم البلدان لياقوت الحموي إن كنتم قد فقدتم ذاكرتكم وتاريخكم وصدقتم ادعاءات الأدعياء والمشككين الذين لا يريدون إلا مسخ هويتكم العربية والتي أمثل أحد رموزها وإني لأستنكر هذا وأسألكم كيف يمكن لرجل أعجمي عاش في بلاد فارس أن يذكر بالوصف الدقيق تلك القرى وتلك الأماكن وهو لم يعش فيها ولم يتفاعل معها ، وحين أنشدت قصائدي ونضمت قوافيها التي تفاعلت معها ، واختلطت بها حتى أصحبت جزء منها وهي جزء مني وتسكن في سويداء القلب فوصفت حتى صخورها ألم أقول في قصيدتي التي أسميتموها لامية العرب :
إذا الأمعز الصوان لاقى مناسبي
تطـا يرمنـه قـادح ومفـلـل
فكيف يمكن أن يأتي فتى أعجمي بمثل هذا المعنى الجميل الذي مزجت الطبيعة فيه بنفسي حتى غدوت وإياها كائنا واحدا.
وأغدو على القوت الزهيد كما غدا
أزل تهـاداه التنائـف اطـحـل
غدا طاويا يعارض الريـح هافيـاً
يخوت بأذناب الشعـاب ويعسـل
ولقد تفاعلت هنا مع الطبيعة ( طبيعة جبال دوس ) ونقلت لكم تجربة إنسانية لا يمكن (ولا فخر ) أن يأتي بها إلا من عايشها مثلي فجبال دوس الشاهقه ذات النتائف المليئة بالذئاب والريح الباردة والجوع وهبتني تجربه إنسانية فريدة أخرجتها في قالب شعري جميل ولقد وصفت مكونات الطبيعة بكافة أشكالها وألوانها بالإضافة إلى ماسبق فقد نقلت صور اخرى للمكونات الطبيعة الثرية المتنوعة في تلك المنطقة فوصفت الذئاب الجائعة التي تنوح فوق أعالي الجبال حيث تتألف من شدة الجوع على شكل جماعات وكأنها مرامل تعزي بعضها بعضا وصورت ملك النحل وهو يحثحث دبره والقطا والضباء والافاعي والحيّـات ولبائد الشعر التي لم يمسسها الدهن ووصفت صبري وايلافي الهموم والجوع وكلها معاني ترتبط بتلك المنطقة وجغرافيتها وحياتها الفطرية بارتباط وثيق تختلف اختلاف كبير عن الحياة في وادي الرافدين
ثم الا تراني قــد وضعت ميسمي على كل حرف مما أسميتموه باللامية ومنها توقيعي الشخصي حيث أقول :
وأعدلُ مَنحوضاً كأن فصُوصَهُ كِعَابٌ
دحاهـا لاعـبٌ ، فـهـي مُـثَّـلُ
فإن تبتئـس بالشنفـرى أم قسطـلِ
لما اغتبطتْ بالشنفرى قبلُ ، أطولُ!
طَرِيـدُ جِنايـاتٍ تياسـرنَ لَحْـمَـهُ
عَقِيرَتُـهُ فــي أيِّـهـا حُــمَّ أولُ
تنامُ إذا مـا نـام ، يقظـى عُيُونُهـا
حِثاثـاً إلـى مكروهـهِ تَتَغَلْـغَـلُ
لقد استرسلت حتى تثبت لنا أنك المالك الوحيد لقصيدتك التي أسميناها لامية العرب وهنا قاطعني قائلا :
سأسألك سؤال فيه دليل أخر، لما تسمون قصيدتي بلامية العرب ..؟؟
أليس في ذلك تمييز لها عن لامية العجم التي أنشأها الحسين بن علي الطغرائي في القرن السادس الهجري وأسماها بلامية العجم ..؟؟
والتي مطلعها :
أصالة الـرأي صانتنـي عـن الخطـل
وحلية الفضـل زانتنـي لـدى العَطَـلِ
مجـدي أخيراًومـجـدي أولاً شَــرَع
والشمسُ رأد الضحى كالشمس في الطفلِ
فأصبح لديكم لاميتان مُيـّزَت إحداهما بأنها لامية العجم فلابد أن تميز الأخرى بأنها لامية العرب
ثم أخذت بطرف الحديث وسألته عن التناقض بين شهرة قصيدته وحياته المجهولة فأجاب قائلا :
أنا أســتنكف أن أجيب على هذا السؤال لأني في حياتي كنت مشهوراً ومعروفاً وتتردد مغامراتي على كل لسان وتشدو بقصائدي الركبان ولم أكن مجهولا فأنا كما ذكرت سابقا في قصيدتي :
أنا ابن خيارالناس
لكن عقوقكم لي وإغفالكم لتاريخكم جعل تاريخ حياتي أشبه بالمجهول عندكم رغم شهرة قصيدتي وما أوردته فيها من المعاني الكريمة حتى قال عنها عمر بن الخطاب رضي الله عنه [ علمو أولادكم لامية العرب فإنها تعلمهم مكارم الأخلاق ] .
ومذا عن النساء وأشعارك فيهن ..؟؟
أنشــد وأصابع يمناه تعبث بلحيته البيضــاء :
أرى أم عمرو أجمعت فاستقلت
وما ودعت جيرانها إذ تولـت
فقد سبقتنا أم عمـرو بأمرهـا
وقد كان أعناق المطي أظلت
فواندما علـى أميمـة بعدمـا
طمعت فهبها نعمة العيش ولت
تبيت بُعيد النوم تهدي غبوقهـا
لجارتهـا إذا الهديـة قـلـت
أميمة لا يخزي نثاها حليلهـا
إذا ذكر النسوان عفت وجلـت
يحل بمنجاة من اللـوم بيتهـا
إذا ما بيوت بالملامـة حلـت
لقد أعجبتني لا سقوط قناعهـا
إذا ما مشت ولا بـذات تلفـت
كأن لها في الأرض نسيا تقصه
إذا ما مشت وإن تحدثك تبلت
يقول بعض النقاد عن قصيدتك اللامية بأنها [نشيد الصحراء ] فهل أبحرت في رمالها وهل قطعت فيافيها وهل لك تجربة شعرية استوحيتها من تلك الفيافي والقفار ؟
كما تعرفون فقد كانت سراة زهران وما تحتويه من جبال وشعاب مسرح لحياتي ولم تكن الصحراء بعيد عني حيث كانت تحيط بالسراة من شرقها وغربها وكانت تربض على أطراف تلك الجبال ولأنني كنت من أكثر الناس عدوا فقد أمر بتلك الأطراف من الصحراء إلا أنني لم اكن أتتوغل فيها كثيراً بحكم حياتي الجبلية وتألفي مع قممها وشعابها وقد كنت أجد في تلك القمم ضالتي فأنشأت صداقاتي مع حيواناتها الضارية من الذئاب والسباع والثعالب والضباع والنحل والمياه العذبة حتى أنني قلت فيها حين أستعداني قومي :
ولي ، دونكم ، أهلونَ سِيْدٌ عَمَلَّسٌ
وأرقطُ زُهلـول وَعَرفـاءُ جيـألُ
هم الأهلُ . لا مستودعُ السرِّ ذائعٌ
لديهم ، ولا الجاني بما جَرَّ ، يُخْذَلُ
هناك في حياتك تناقضات يتمثل التناقض الاول فيما احتواه شعرك من قيم ومثل جميله والثاني في صعلكتك التي تعتمد على السلب والنهب والتي اتخذتها أسلوب لحياتك فماذا يعني هذا لك ؟
التناقض الذي ذكرته لي لست أنا سببه بل أنتم وحدكم لأن الصعلكه كانت في عصرنا تمثل جانب مهم من جوانب الحياة فماذا يفعل الفرد منا إذا لفظه مجتمعه ظلماً وعدوانا..؟؟ أليس من حقه أن يحيا حياة كريمة ..؟؟ ويعيش في مجتمع يتفاعل معه وان يدفع الظلم عن نفسه إذا لحق به فلقد قتل الفهميون أبي واستعبدني بنو سلامان برغم أنني من أسرة تعتبر من خيار الأسر وقتلوا والد زوجتي ولقد أظهرت أهدافي النبيلة ومبادئي القيمة التي كنت احملها وأومن بها في ثنايا شعري فجاء ت معبرة أصدق تعبير عن خلجات نفسي وكنت أتوق إلى حياة كريمة هادئة مطمئنة كبقية البشر لكنهم طاردوني في كل مكان رغم أنهم كانوا يتغنون بقصائدي ويتعاطفون مع مشاعري لكنهم لم يبادلوني تلك المشاعر فكان من حقي أن أعيش ولكن بأسلوبي ألست القائل :
وفي الارض منأى الكريم عن الاذى
و فيها لمن خـاف القلـى متعـزل
أديم مطال الجـوع حتـي أميتـه
و أضرب عنه الذكر صفحا فأذهـل
واستف ترب الارض كيلا يرى لـه
علىَّ من الطـول امـرؤ متطـول
ولولا اجتناب الذام لم يبق مشـرب
يعـاش بـه إلا لـدىّ و مـأكـل
و لكن نفسـاً حـرة لا تقيـم بـي
علـى الضيـم إلا ريثمـا أتحـول
وأخيراهل سمعت برثاء خالك لك ..؟؟
وكيف يسمع الميت بمن يرثيه وقد ضمته اللحود ..؟؟
هل تود سماعها ؟؟
أجاب وهو يهز رأسه بالإيجــاب نعم
أسمعته مرثية خاله فرأيت دمعة كبرياء تعلقت بأهداب عينه ولمــّا تسقط وكأنها غيمة شــاردة:
على الشنفرى ساري الغمام ورائـح
غزير الكلى وصيـب المـاء باكـر
عليك جـزاء مثـل يومـك بالجبـا
وقد أرعفت منك السيـوف البواتـر
ويومـك يـوم العيكتيـن وعطفـة
عطفت وقد مس القلـوب الحناجـر
تجول ببـز المـوت فيهـم كأنهـم
بشوكتـك الحـدى ضئيـن نوافـر
فإنـك لـو لاقيتنـي بعدمـا تـرى
وهل يلقيـن مـن غيبتـه المقابـر
لألفيتنـي فـي غـارة أنتمـي بهـا
إليـك وإمـا راجعـا أنـا ثـائـر
وإن تك مأسـورا وظلـت مخيمـا
وأبليـت حتـى مـا يكيـدك واتـر
وحتى رماك الشيب في الرأس عانسا
وخيـرك مبسـوط وزادك حاضـر
وأجمل موت المـرء إذ كـان ميتـا
ولا بد يومـا موتـه وهـو صابـر
فـلا يبعـدن الشنفـري وسـلاحـه
الحديـد وشـد خطـوه متـواتـر
إذا راع روع الـــمـــوت راع
وإن حمى معه حر كريـم مصابـر
ودعته وتركته لشــأنه وأنا أردد أبيات قالها ذات يوم وكأنه ينتظر مصيره ويطلب من من يقف على جثته أن لا يدفنه ولا يحفر له قبراً:
فـلا تقبرونـي إن قبـري مـحـرم
عليكـم ولكـن أبشـري أم عامـرِ
إذا احتملت رأسي وفي الرأس أكثري
وغودر عند الملتقـى ثـم سائـري
هنالـك لا أرجـو حيـاة تسـرنـي
سميـر الليالـي مبسـلا بالجرائـرِ
تركت سمير الليالي ومازالت صورته لا تبرح خيالي تركته وأنا أســبح في بحر مـن الخيــال مع تلك القمم والشــعاب وكل مايرتبط بالســمر وتســاءلت هل يذكر ذوو الأسماء المرتبطة بهذا الفـعل [ ســمر ] مابينهم وبين ثابت من علاقة ..؟؟ وهل يتذكر الســمار في ليالي أسمارهم بيتا واحدا [ لسمير الليالي الشنفرى ] ألا ليت شــعري .
ولمن لم يسترسل مع ابن خيار هذا التفصيل السلس لشخصية الشنفرى :
هو ثابت بن أوس الأزدي المتوفى عام 510 ميلادي ، أي قبل هجرة النبي- صلى الله عليه و آله وسلم - بسبعين سنة تقريبا ...
أختلف المؤرخون في تدوين شخصية الشنفرى .. ولهم في هذا أقوال ، منها :
(1) قيل أنه نشأ في قومه في الأزد ثم غاظوه فهجرهم ثم هجاهم ...
(2) ومنهم من قال إن بني سلامان أسروه صغيرا ثم هرب منهم وهجاهم ...
(3) وقالت فئة ثالثه
إنه ولد في سلامان وعاش رهينة عندهم مع أخيه وأمه....
وقال يوما لإبنة مولاه: (( اغسلي رأسي يا أخية )) فغاظها أن يدعوها بأخته فلطمته .. فهرب ثم هجاهم ..
(4) القول الرابع والصحيح
أنه عاش عبدا رقيقا عند بني الأحمر .. ولما كبر واشتد ساعده تقدم لسيده وطلب منه أن يـُــزوجه ابنته ... فتعجب سيده من جرأته .. وزوجه إياها إكراما له على شجاعته وجرأته ..
فلما علم بنو الأحمر بخبره .. وأنه تزوج منهم - وهم من أشراف القبائل - .. وهو عبدا رقيقا ، وأن القبائل الأخرىستنال منهم بسببه، قرروا قتل والد الزوجة - سيد الشنفرى - عقابا له .
وفعلا قتلوه ، فلما عاد الشنفرى وزوجته - من شهر العسل - وعلم بالقصة ؛ أقسم أن يقتل مائة رجل من بني الأحمر .
وفعلا بدأ بإيفاء نذره .. فقتل الأول والثاني والثالث والرابع .. ولا يكاد يمر يوم إلا ويقتل منهم رجل أو أكثر ، فلما رأوا ما فعله بهم تآمروا على وضع كمين له، وفعلا استطاعوا وضع هذا الكمين بعد أن قتل تسعة وتسعين رجلا منهم .. وكان في طريقه لقتل الرجل المائة ، لكنهم أمسكوه قبل أن يقتل الرجل المائة ، وصلبوه حيا ، جردوه من ثيابه وجعلوا الصبيان ترجمه ، والسباع تنهش من جسده ، والغربان تنخر في رأسه ، حتى مات ، ثم تركوه شهورا مصلوبا، حتى لم يبق من جسده إلا النزر اليسير، فأسقطوه وجعلوه ملقى ً على التراب ، فجاء أحد رجال بني الأحمر .. ورأى الجثة ملقاة .. والجمجمة بجوارها .. فركل الجمجمة بقدمه .. فدخلت عظمة من جمجمة الشنفرى في قدم الرجل .... فأثرت عليه حتى مات بسببها ..وقيست قفزاته في تلك الليلة فبلغت القفزة الواحدة عشرين قدماً.
فقال الناس : وفـّــى الشنفرى بنذره وقتل من بني الأحمر مائة رجل .
وماجاء من صفاته أنه أسمر البشرة ، نحيل الجسد، يتلذذ بالعيش في البراري والجبال والقفار ، وكان أيضا خفيف الظل . وكان مشهورا بالسرعة حتى ضرب في سرعته الأمثال فقيل ( أعدى من الشنفرى ) .
و مغامراته في البادية تفوق حد الخيال ويختلط فيها التاريخ بالأسطورة ؛ و الشنفري من الشعراء الصعاليك الذين يمثلون الجانب الإنساني والشيطاني معا، لقي من اضطهاد الناس وعنت الحياة ما لم يلقه غيره .. وكان عنيدا ومع هذا كله ، فقد كان وفيا لسيده حتى مات في سبيل هذا الوفاء .
كما أنه كان شاعرا عظيما في الجاهلية، له قصائد كثيرة ، في الهجاء ، وفي المدح والثناء ، وفي الغزل ، وفي الحـِــكم .

 

 

 

 


 لا الله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين

صورة توقيعك الأصلية

الشميلاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس