
تابع لما قبله (3)
الحاجة : (( من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ، ولن يضر الله شيئاً )).
وقد بعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بأفضل المناهج و الشرائع ، وأنزل عليه أفضل الكتب ، فأرسله إلى خير أمة أخرجت للناس ، وأكمل له ولأمته الدين ، وأتم عليهم النعمة ، وحرم الجنة إلا على من آمن به وبما جاء به ، ولم يقبل من أحد إلا الإسلام الذي جاء به ، فمن ابتغى غيره ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين . وأخبر في كتابه أنه أنزل الكتاب والحديد ليقوم الناس بالقسط ؛ فقال تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ، وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ، وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ، إن الله قوي عزيز }.
ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بتولية ولاة أمور عليهم ، وأمر ولاة الأمور أن يردوا الأمانات إلى أهلها ، وإذا حكموا بين الناس أن يحكموا بالعدل، وأمرهم بطاعة ولاة الأمور في طاعة الله تعالى ، ففي سنن أبي داود عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمر أحدهم)) ، وفي سننه أيضاً عن أبي هريرة مثله ، وفي مسند الإمام أحمد عن عبدالله ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلمقال : (( لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا أحدهم )).
فإذا كان قد أوجب في أقل الجماعات وأقصر الاجتماعات أن يولى أحدهم : كان هذا تنبيهاً على وجوب ذلك فيما هو أكثر من ذلك ، ولهذا كانت الولاية لمن يتخذها ديناً يتقرب به إلى الله ويفعل فيها الواجب بحسب الإمكان ، من أفضل الأعمال الصالحة ، حتى قد روى الإمام أحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( إن أحب الخلق إلى الله أمام عادل ، وأبغض الخلق إلى الله إمام جائر )).