عرض مشاركة واحدة
قديم 08-06-2009, 12:33 PM   #1
معلومات العضو
alshemailat
 
الصورة الرمزية صالح العريف
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
صالح العريف is on a distinguished road

افتراضي " بعض الطيور"، من ما قراءة

بقلم هناء محمد كامل - مصر

اقترب منها برأسه الضخم، ومد يدا مترددة الى الزر الذي تعلم مؤخرا انه خاص برفع الصوت. وقف يتابع الحديث بعينين حائرتين ثم: - "جائزة على ماذا؟"، تساءل بلهفة. - "أفضل قصة"، ردت باقتضاب وأقفلت المذياع ونهضت لتعد الغذاء.
مترددا تبعها، حافي القدمين، لولا نظرة صارمة ذكرته بالخفين... ملتصقا بحائط المطبخ الضيق سألها: - "لماذا لا ترسلين لهم قصة؟" تنهدت وصمتت. دفنت رأسها في صحفة الطعام وتظاهرت بالانهماك، لكنه ظل شاخصا ببصره منتظرا إجابة. قالت بحزن: - "كسرت قلمي منذ زمن". - "عندي واحد!"، قالها طائرا إلى حجرته. فكرت: "هذا الفتي يقتلني ببطء"... عاد إليها ممسكا بقلم وضعه أمامها، ومد يده بدفتر مدرسي منقوش عليه بطريق يلهو.
"لن اكتب!" صرخت بها في وجهه وتجاوزته حاملة صحفتها: "اجلس وكل!"... امتثل على مضض، لكنه لم ييأس: "لو أنك ربحت الجائزة ربما أمكنك إحضار طاقم البرازيل لي"، ثم استجمع قوته وشجاعته ليهتف: "لن نضطر وقتها للسماح لذلك الرجل بالعيش معنا"...
ودت لو استطاعت إخراسه، لكنها لم تجرؤ على إخباره بأن الرجل أيضا رفض العيش معه. - "لن نضطر لشيء. سأحضره أنا"، وأسرعت تضيف "وبلا قصة"! - "متى؟"، سأل بلهفة. - "حين تتعلم عقد رباط حذائك بنفسك"، قالت بتهكم. - "تعلمت هذا أمس وأخبرتك"... ابتسامة حنان خانتها وتلاعبت فوق شفتيها، كان هذا منذ ما يقرب من شهر، لكن الفتى مازال ينادي كل الماضي ب"أمس"! - "ليكن ذلك إذا في عيد مولدك". غزت الحيرة وجهه المنغولي الملامح؛ فأسرعت تجيب سؤالا لم يسأل: - "فقط ثلاثة اشهر" . - "ولماذا ليس الآن؟"
أزعجها السؤال فمدت يدها بتلقائية تتحسس جيبها، ما بقي من راتبها يكفيهما بالكاد لآخر الشهر. وكأنما أدرك-بمعجزة- ما تفكر فيه، فالتمعت عيناه الجاحظتان بإغراء وقال: -"ربما لو استطعت كتابه قصه"... - "هل سنعود لهذا ثانية؟"، واستطردت بخبث "اسمع، لماذا لا تكتبها أنت؟"... ازدادت عيناه جحوظا ولم يجب، فأضافت: - "حاول، المهم أن تكون قصة جميلة لتفوز"، وابتسمت متذكرة فشله في تعلم قواعد التعبير بمدرسته. هكذا لن يجرؤ على فتح الموضوع ثانية، فكرت. تناول قلمه ودفتره وأغلق عليه جدرانه الأربعة المزخرفة بملصقات ضخمة لنعامات حزينة.
في المساء خرج، وكانت تستعد لتسخين العشاء. وضع أمامها دفتره بلا كلمة، تناولته ونظرت للسطر المكتوب ثم لصغيرها، ثم عادت للسطر: - "ما هذا؟"... - "قصتي"، بخجل أجاب. تطلعت إلى عينيه لحظة، ثم ربتت على خده السمين: - "ارتد ملابسك. سنذهب لنبتاع الطاقم الآن". شهق غير مصدق ثم انطلق مؤجلا فرحته كأنما يخشى تراجعها إن أبداها، بينما عادت هي للسطر محاولة منع تلك القطرة المالحة من السقوط.
بعد لحظات غادرا المنزل معا، مخلفين سطرا يقول: "بعض الطيور لا تطير، مع أنها تمتلك جناحين!"

 

 

 

 


 لا الله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين


التعديل الأخير تم بواسطة صالح العريف ; 08-06-2009 الساعة 12:42 PM. سبب آخر: تغير الاسم
صالح العريف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس