نقض المسجد بمعنى أنقاضه . وفي القرطبيّ : لا يجوز نقض المسجد ولا بيعه ولا تعطيله وإن خربت المحلّة .
ويقول الشّافعيّة : من وقف مسجداً فخرب المكان وانقطعت الصّلاة فيه لم يعد إلى الملك ولم يجز التّصرف فيه , لأنّ ما زال الملك فيه لحقّ اللّه تعالى ولا يعود إلى الملك بالاختلال كما لو أعتق عبداً ثمّ زمن .
وإن وقف جذوعاً على مسجد فتكسّرت ففيه وجهان أحدهما : لا يجوز بيعه , والثّاني : يجوز بيعه , لأنّه لا يرجى منفعته , فكان بيعه أولى من تركه بخلاف المسجد , فإنّ المسجد يمكن الصّلاة فيه مع خرابه , وقد يعمر الموضع فيصلّى فيه .
وإن وقف شيئاً على مسجد فاختلّ المكان حفظ الارتفاع ' الغلّة ' ولا يصرف إلى غيره لجواز أن يرجع كما كان .
ويقول الحنابلة بتحريم بيع المسجد إلّا أن تتعطّل منافعه بخراب أو غيره كخشب تشعّث وخيف سقوطه ولم يوجد ما يعمر به , فيباع ويصرف ثمنه في مثله أو بعض مثله نصّ عليه أحمد , قال : وإذا كان في المسجد خشبات لها قيمة جاز بيعها وصرف ثمنها عليه .
غرس الشّجر في المسجد والزّرع فيه وحفر بئر فيه :
46 - ذهب الحنفيّة إلى أنّه لا يجوز غرس الأشجار في المسجد إلّا إذا كان ذا نزٍّ , والأسطوانات لا تستقر به , فيجوز لتشرب ذلك الماء فيحصل بها النّفع , ولا يحفر فيه بئر , ولو كانت قديمةً - كبئر زمزم - تركت , ولو حفر فتلف فيه شيء إن حفر أهل المسجد أو غيرهم بإذنهم لا يضمن , وإن كان بغير إذنهم ضمن أضرّ ذلك بأهله أو لا .
وحرّم الحنابلة حفر البئر وغرس الشّجر بالمساجد لأنّ البقعة مستحقّة للصّلاة فتعطيلها عدوان , فإن فعل طمّت البئر وقلعت الشّجرة , نصّ عليه , قال : هذه غرست بغير حقٍّ والّذي غرسها ظالم غرس فيما لا يملك .
وتحريم حفر البئر في المسجد حيث لم يكن فيه مصلحة , فإن كان في حفره مصلحة ولم يحصل به ضيق لم يكره أحمد حفرها فيه , والزّرع فيه مكروهٌ .
وقال ابن قدامة : لا يجوز أن يغرس في المسجد شجرة وإن كانت النّخلة في أرض فجعلها صاحبها مسجداً والنّخلة فيها فلا بأس ويجوز أن يبيعها من الجيران , وفي رواية : لا تباع وتجعل للمسلمين وأهل الدّرب يأكلونها , وقيل : إنّ المسجد إذا احتاج إلى ثمن ثمرة الشّجرة بيعت وصرف ثمنها في عمارته , أمّا إن قال صاحبها : هذه وقف على المسجد فينبغي أن يباع ثمرها ويصرف إليه .
والمالكيّة لا يجيزون ذلك في المسجد وإن وقع قلع .
والشّافعيّة قالوا بكراهة غرس الشّجر والنّخل وحفر الآبار في المساجد لما فيه من التّضييق على المصلّين , ولأنّه ليس من فعل السّلف , والصّحيح تحريمه لما فيه من تحجير موضع الصّلاة والتّضييق وجلب النّجاسات من ذرق الطيور , وقال الغزالي : لا يجوز الزّرع فيه , وإن غرس غرساً يستظل به فهلك به إنسان فلا ضمان .
وقال الرّافعي في كتاب الوقف : ولا ينبغي أن يغرس في المسجد شجر لأنّه يمنع المصلّين , قال في الرّوضة في باب السّجدات : فإن غرس قلعه الإمام , وقال القاضي حسين في تعليقه في الصّلاة : لا يجوز الغرس في المسجد ولا الحفر فيه ; لأنّ ذلك ممّا يشغل المصلّي .
وقال في آخر كتاب الوقف : سئل أبو عليٍّ عبد اللّه الحنّاطي عن رجل غرس شجرةً في المسجد كيف يصنع بثمارها ؟ فقال : إن جعلها للمسجد لم يجز أكلها من غير عوض , ويجب صرفها إلى مصالح المسجد , ولا ينبغي أن يغرس في المساجد الأشجار لأنّها تمنع الصّلاة , فإن غرسها مسبّلةً للأكل جاز أكلها بلا عوض وكذا إن جهلت نيّته حيث جرت العادة به .
انتفاع جار المسجد بوضع خشبة على جداره :
47 - للمالكيّة قولان في أنّه هل لناظر وقف المسجد أن يعير جار المسجد موضعاً لغرز خشبة فيه أو ليس له هذا الحقّ ؟ أحدهما بإعطائه هذا الحقّ , والآخر بمنعه من ذلك وهو الرّاجح عندهم .
ويشترط الحنابلة لجواز وضع تلك الخشبة على جدار المسجد أن لا تضرّ بحائطه فيضعف عن حملها , وأن لا يمكن التّسقيف بدون وضعها وأن لا يكون عند صاحبها غناء بوضعها على غير جدار المسجد , وأن تكون الحاجة داعيةً إلى وضع تلك الخشبة على جداره , فمتى كان ذلك جاز وضع تلك الخشبة على جداره , وقيل : يشترط للجواز أن يكون له ثلاثة حيطان ولجاره حائط واحد .
فإن كان غرزها في جدار المسجد يضرّ بحائطه فيضعفه عن حملها , أو أمكن التّسقيف بدون وضعها عليه , أو كان عنده غناء بوضعها على غير جداره , أو لم تدع الحاجة إلى وضعها على جداره لم يجز وضعها عليه .
إغلاق المسجد في غير أوقات الصّلاة :
48 - ذهب جمهور الفقهاء وهو قول للحنفيّة إلى أنّه لا بأس بإغلاق المساجد في غير أوقات الصّلاة , صيانةً لها وحفظاً لما فيها من متاع , وتحرزاً عن نقب بيوت الجيران منها, وخوفاً من سرقة ما فيها .
وذهب الحنفيّة إلى أنّه يكره تحريماً إغلاق باب المسجد لأنّه يشبه المنع من الصّلاة والمنع من الصّلاة حرام لقوله تعالى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا } .
تعطيل المساجد :
49 - قال الزّركشي : إذا تعطّل المسجد بتفرق النّاس عن البلد أو خرابها أو بخراب المسجد فلا يعود مملوكاً ولا يجوز بيعه بحال ولا التّصرف فيه , كما لو أعتق عبداً ثمّ زمن لا يعود مملوكاً .
ثمّ إن خيف أن تنقضه الشّياطين , نقض وحفظ , وإن رأى القاضي أن يبني بنقضه مسجداً آخر , قال القاضي وابن الصّبّاغ والمتولّي : يجوز , وقال المتولّي : الأولى أن ينقل إلى أقرب الجهات إليه , فإن نقل إلى البعيد جاز , ولا يصرف النّقض إلى غير المسجد كالرّباطات والقناطر والآبار , كما لا يجوز عكسه , لأنّ الوقف لازم , وقد دعت الضّرورة إلى تبديل المحلّ دون الجهة .
وقال القرطبي : لا يجوز نقض المسجد ولا بيعه ولا تعطيله وإن خربت المحلّة .
وإذا تعطّلت منافع المسجد بخراب أو غيره كخشب تشعّث وخيف سقوطه ولم يوجد ما يعمر به فيباع ويصرف ثمنه في مثله أو بعض مثله نصّ عليه أحمد , قال : إذا كان في المسجد خشبات لها قيمة جاز بيعها وصرف ثمنها عليه , وقال يحوّل المسجد خوفاً من اللصوص , وإذا كان موضعه قذراً .
مسْجِد إبراهيم *
التّعريف :
1 - مسجد إبراهيم مركّب من كلمتين : مسجد وإبراهيم , فالمسجد في اللغة : بيت الصّلاة, وموضع السجود من بدن الإنسان .
والمسجد في الاصطلاح : الأرض الّتي جعلها المالك مسجداً وأذن بالصّلاة فيها .
قال الشّافعيّة : وإبراهيم هو نبي اللّه إبراهيم عليه السّلام على الصّحيح .
وقيل : إنّ إبراهيم هو أحد أمراء بني العبّاس وهو الّذي ينسب إليه باب إبراهيم بمكّة .
الألفاظ ذات الصّلة :
مقام إبراهيم :
2 - المقام - بفتح الميم - اسم مكان من قام يقوم قوماً وقياماً : أي انتصب , وقال أكثر الفقهاء والمفسّرين : إنّ مقام إبراهيم : الحجر الّذي تعرفه النّاس اليوم , يصلون عنده ركعتي الطّواف .
والصّلة بين مقام إبراهيم ومسجد إبراهيم أنّ كلاً منهما منسوب إلى نبيّ اللّه إبراهيم , غير أنّ مقام إبراهيم عند الكعبة , وتسن ركعتا الطّواف عنده , ومسجد إبراهيم عند عرفات .
الحكم الإجمالي :
يتعلّق بمسجد إبراهيم أحكام منها .
أ - الوقوف بمسجد إبراهيم
3 - قال أبو محمّد الجويني من الشّافعيّة : إنّ مقدم مسجد إبراهيم في طرف وادي عرنة لا في عرفات , وآخره في عرفات قال : فمن وقف في مقدم المسجد المسمّى بمصلّى إبراهيم لا يصح وقوفه , ومن وقف في آخره صحّ .
ب - لقطة مسجد إبرا
الأخت شموخ شاكر لك هذا الطرح وعلى المسلمين ان يهتمو بمثل هذه الأمور الهامه وان يدفعو الضرائب لضمان بقاء المسجد
دمتي بعافيه