عرض مشاركة واحدة
قديم 29-08-2011, 03:43 PM   #1
معلومات العضو
alshemailat
 
الصورة الرمزية صالح العريف
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
صالح العريف is on a distinguished road

افتراضي الظلم ظلمات في الدنيا والاخرة...


الحمد الله الذي حرم الظلم على نفسه وجعله بيننا محرما كما جاء في الحديث القدسي :

' يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا

وصلى الله وسلم وبارك على نبي الرحمة القائل محذرا من دعوة المظلوم :

' واتقوا دعوة المظلوم فإنها ليست بينها وبين الله حجاب '.

اما بعد ..

فإن الظلم عاقبته وخيمة ، ولا يصدر إلا من النفوس اللئيمة ، وآثاره متعدية خطيرة في الدنيا والآخرة ؛ وإذا تفشى الظلم في مجتمع من المجتمعات كان سببا لنزع البركات ، وتقليل الخيرات ، وانتشار الأمراض والأوجاع الآفات .

والظلم قبيح من كل الناس ولكن قبحه اشد وعاقبته أضر إذا صدر من ولاة الأمر نحو رعاياهم ، حيث يصعب رفعه عنهم وإزالته منهم ، لما للحكام من السطوة والأعوان ، ولأن من أهم حقوق الرعية على الرعاة دفع الظلم عنهم ، وحماية الضعفاء من جور الأقوياء ، ولهذا قال أبو بكر رضي الله عنه عندما ولي الخلافة : ' الضعيف منكم قوي عندي حتى آخذ الحق له ، والقوي منكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه ' ، أو كما قال .

وظلم ولاة الأمر يُجَرِّئ اتباعهم وأعوانهم على الظلم ويدفعهم إليه دفعا لما لهم من المكانة والحظوة واستقلال النفوذ .

إذا كان رب البيت للدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص لقد انتبه بعض الحكام لخطورة الظلم فخافوه وهابوه ، لآثاره الظاهرة ومضاره الواضحة في الدنيا قبل الآخرة ، من نزع البركات وقلب النعم نقمات ، بمجرد إضمار السوء وإبطان المكر ، قبل إعلانه والإفصاح عنه وذكره ابن الجوزي رحمه الله في كتاب \ ' مواعظ الملوك والسلاطين \ ، قال :

' خرج كسرى في بعض الأيام للصيد ، فانقطع عن أصحابه وأظلته سحابة ،

فأمطرت مطرا شديداً حال بينه وبين جنده ، فمضى لا يدري إلى أين يذهب ، فانتهى إلى كوخ فيه عجوز ، فنزل عندها ، وأدخلت العجوز فرسه ، فأقبلت ابنتها ببقرة قد رعتها فاحتلبتها ، ورأى كسرى لبنها كثيراً ، فقال : ينبغي أن نجعل على كل بقرة خراجاً ، فهذا حلاب كثير ؛ ثم قامت البنت في آخر الليل لتحلبها فوجدتها لا لبن فيها فنادت : يا أماه قد أضمر الملك لرعيته سوءاً ؛ قالت أمها : وكيف ذلك ؟ قالت : إن البقرة ما تبز بقطرة من لبن ؛ فقالت لها أمها: اسكتي ، فإن عليك ليلا ؛ فأضمر كسرى في نفسه العدل والرجوع عن ذلك العزم ، فلما كان آخر الليل قالت لها أمها: قومي احلبي ؛ فقامت فوجدت البقرة حافلا ، فقالت : يا أماه قد والله ذهب ما في نفس الملك من السوء ؛ فلما ارتفع النهار جاء أصحاب كسرى فركب ، وأمر بحمل العجوز وابنتها إليه،

فأحسن إليهما ، وقال : كيف علمتما ذلك ؟ فقالت العجوز: أنا بهذا المكان منذ كذا و كذا، ما عمل فينا بعدل إلا أخصبت أرضنا، واتسع عيشنا، وما عمل فينا بجور إلا ضاق عيشنا وانقطعت موارد النفع عنا.. \ ' .

و تدل آثار العدل من ولاة الأمر الإيجابية من بسط الأمن ، والبركة في الأرزاق والأقوات والأوقات من ناحية ، وآثاره السلبية من نزع للبركات ، ومحق في الأقوات والثمرات والأوقات من ناحية أخرى ، ظاهرة مشاهدة جلية ، كما دلت على ذلك الأخبار السابقة والآثار السالفة إذا انتبه بعض الملوك الكفار لأهمية العدل وخطورة الظلم لبعض المشاهدات ، فحري بالحكام المسلمين أن يعوا ذلك ويفهموه للأخبار الصحيحة الصريحة التي وردت عن صاحب الشريعة ، والسيرة المضيئة التي سلكها الخلفاء الراشدون والأئمة المهديون من هذه الأمة في عصور الإسلام المختلفة ، حيث كان العدل رائدهم والإنصاف مقصدهم .

ولم يكن عدلهم هذا قاصراً على المسلمين ، بل شمل أهل الذمة والمعاهدين و نحوهم ، بينما نجد اليوم بعض الحكام المسلمين ينالون من بعض إخوانهم المسلمين ما لم ينله منهم الكفار المعاندون ، بل إن بعض المسلمين حرموا من أوطانهم وأولادهم ولم يجدوا مأوى لهم إلا في ديار الكفار . فكل المسلم على المسلم حرام ، دمه ، وعرضه ، وماله ، ولا ينبغي للحكام ولا لغيرهم أن ينالوا من ذلك شيئا إلا بحق الإسلام . عن ابن عمر رضي الله عنه قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ' لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ' 2 ؛ وعن عائشة كذلك : ' من ظلم قيد شبر من الأرض طوّقه من سبع أرضين ' 3 ؛ وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ' إن الله ليملي للظالم فإذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ : ' وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد .
4فاحذر أخي المسلم ، حاكما كنت أو محكوماً ، من الظلم ، والغش ، والتعدي على حقوق الآخرين ؛ وأعلم أنه لن تزول قدماك يوم القيامة حتى يقتص منك ، فإن دعتك قدرتك اليوم وسطوتك على ظلم الآخرين فتذكر قدرة الله عليك يوم القيامة ، واعلم أن أخطر أنواع الظلم بعد الإشراك بالله ظلم العلماء والأولياء ، فقد أعلن الله حربه على من عاداهم : ' من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب '5
بالعدل قامت السموات والأرض ، وبالعدل يصلح الراعي والرعية ، وبالعدل تسعد البشرية وتأمن الرعية . روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ' يوم من إمام عادل أفضل من مطر أربعين صباحا أحوج ما تكون الأرض إليه ' 6 . وكتب عامل لعمر بن عبد العزيز : \ ' إن مدينتنا قد احتاجت إلى مرمَة ، فكتب إليه عمر : حصن مدينتك بالعدل ، ونق طرقها من المظالم \ ' .وقال كعب الأحبار لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما : ' ويل لسلطان الأرض من سلطان السماء ' ، فقال عمر : ' إلا من حاسب نفسه '. ومن الأمثال السائدة في السلطان : إذا رغب الملك عن العدل رغبت الرعية عن الطاعة ؛ لا صلاح للخاصة مع فساد العامة ؛ لا نظام للدهماء مع دولة الغوغاء ؛ الملك يبقى على الكفر ولا يبقى على الظلم . وقال مجاهد : المعلم إذا لم يعدل بين الصبيان كتب من الظلمة .
أسأل الله أن يجنبنا وجميع إخواننا المسلمين الظلم ، وأن يوفقنا للعدل والإنصاف ، في الشدة والرخاء ، والرضا والغضب ، وأن يصلح الرعاة والرعية ، وأن يؤمن المسلمين في أوطانهم ، وأن لا يسلط عليهم عدواً من غير أنفسهم ، وأن يقيهم شر أنفسهم ، و صلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ؛ ودمتم سالمين في عالم يسوده طاعة الله والمحبة بالله والالفة والخير والطمئنينة ان شاءالله وان يسود عالمنا الاسلامي السلام والأمان اللهم آمين والسلام.
هذا و الله اعلم

 

 

 

 


 لا الله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين

صالح العريف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس