الموضوع: زفرة ألم
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-10-2008, 10:43 PM   #1
معلومات العضو
/alshemailat
 
الصورة الرمزية شمعة وفا
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
شمعة وفا is on a distinguished road

افتراضي زفرة ألم

الحائط المطلي هو الحائط والنافذة المشرعة تغالب اصوات المارة المرتفعة ككرنفال طويل
والغرفة المكعبة الغائرة في فوضى ثيابها الشاحبة المغبرة وعلى دفة الباب التي تحمل على ظهرها ملابس
قد طالها النسيان
والستارالمنسدل كاوراق الخريف نصفه المطرز معلق والاخر يتارجح كعنقود العنب ايام الخير والحبور
حصير بهو البيت غير المزلج وسط الدار الشاحب طلاؤها وما خلفته عوامل الرطوبة من بقع على السقف
وسجادة الصلاة الحمراء المزركشة مطوية على كرسي المكتب بعناية ونباتات موردة من البلاستيك تتسلق الجدران
وحذاء العرس جنب الحقيبة اليدوية وحنان في استلقائها شاردة ممدة تنظر الى حجرتها الباردة تتاملها في صمت
وخشوع تذرف الدموع وتبتسم كملاك اسطوري راسمة في مخيلتها صورا مرمرية لطيفها الضائع
كانها لم تحتم تحت دفئها من هبوب الصقيع ودخان معمل الارز وحماة الظهيرة
كانها لم تعش فيها هناء الطفولة ودغدغات الحلم المزيف
على الطاولة الحديدية رزمة من ملابس الغسيل مرمية فوق الة الخياطة الكهربائية في انتظار طيها او كيها
على يمين الخزانة الخشبية المزينة بزجاج ممسوح ايات من الذكر الحكيم مزركشة على ثوب اخضر لامع
تتقلب ببطء كامراة استبد الشيب بلون شعرها تتمدد تتنفس همسا تزفر بغيظ
دوما يغمرها الاحساس بان الانتظار رغبة في الموت انبعاث للركون والهوان انتحار بطيئ للنفس
سلوك نزق يربك افق التمنى والاحلام
كم تستهويها هذه الكلمة:الاحلام _نتساءل كيف يتبخر الحلم ويذوب كحفنة ملح؟
تسحب هزال جسدها الى شرفة البيت تفتح نصفها المنكسر فتلفحها هبات نسيم منعش
تتنفس بعمق ترفع عينيها الذابلتين ترى السماء في عنفوانها تنذر بليلة ممطرة تخفض جفنيها في ثتاقل
واعياء فتصطدم بركام النفايات المتناثرة على الاسفلت المحفور عند مفترق الطرق
الذي يبدو كمتاهة العابر بلا هوية ولا انتماء
تشيح وجهها المكتنز لتختلس نظرة عجلى على جهة راس الشارع لتتمعن في مشهد عاشق مرتعش
يعاكس فتاة عن نفسها امام الملا تتورد وجنتاها تخفي لهفتها المكبوتة
ترتمي الى سريرها الشاحب متكورة كعصفورصغير تداعبه انامل صبي
تضع بين يديها غليان راسها تريد ان تنام او تغفو لكن النوم عندها ضعف واستسلام
تثبت ذبول وجهها في زوايا الغرفة تلتهب اعماقها تناجي احلامها التي تشبه التيه وسط المجهول
تتجه صوب المراة تنفش شعرها تخضب وجهها وتبكي تخبو ثم تنطفئ
الحجرة في سكنتها ووحشتها بعد غيابه كما هي لم تتغير كانها محنطة في تابوت او محصورة بين السؤال
ورجع الجواب وحنان تجول بعينيها المحمرتين والباب موصدة الا من ضوء خافت يتسلل من خلال فجوة صغيرة
وطيفه بين اركانها يطفو كظل بعد مغيب
تذكره كلما للمت انشطار ماضيها الموغل في دوامة الحيرة والاوهام حينما عاد قبل رحيله يشتاط غضبا
مساء ليلة مشؤومة لم تر بهجة النور بعدها لم يلق تحية السلام ولم يداعب ارجوحة الابن المنتظر
لم يكن يحمل بين يديه كعادته جريدة الصباح ولا كتاب الشهر كان يسرع الخطو الى الغرفة المشتركة بعنف
صفق الباب وراءه لم يضغط على زر الكهرباء فولج العتمة
كانت ترمقه والفزع يراقص قلبها المنفرط اراد ان يفرج ضجره المكتوم وان يكشف عن مكنون حزنه
غير ان الحروف استعصت ليببد مخاوفها رافة بها لكن الدموع كانت اقوى من ان تعود الى محاجرها
او تقاوم سالته مندهشة والذهول يكتنف ملامحها:
ما بك اراك على غير عادتك ؟ما بك ايها الزوج الحبيب ...لقد اخفتني؟
غالبته سحابة كثيفة بدموع سائبة ساخنة لم يمتلك نفسه كطفل راى ثدي امه ارتمى في حضنها يندب
تعاسة حظه ويتمتم:
قلت لك لن تكوني زوجة سعيدة معي والنحس يتعقبني يلازمني يترصدني...وفجاة يصرخ:
كم مرة هممت لارحل عن هذه البلاد لماذا لم تتركيني وشاني ...لماذا انظري الى النتيجة قد...قد رفضوني من العمل
لم تستوعب كلامه فاكمل والشر يتطاير من وجهه:
ارادو ان اشاركهم وقاحتهم وعندما رفضت لفقوا لي تهمة الرشوة والتزوير...حسبي الله ونعم الوكيل...
وفجاة تملص منها ووقف حتى بدا كطود عظيم معلنا بحروف متقطعة :سامحني سوف ...سوف ارحل ...نعم
لقد قررت ...وداعا
كم مر على فقدانه؟
_العمر كله تجيب نفسها والحجرة في شحوبها قابعة تتبخر كم احسست بالمه وانكساره وحدها الان تجوب
شوارع المدينة المتعفرة تبحث بين الدروب عن سرابه تتجرد من ضجيجيها الى لغة الصمت تقود اشجانها
الى هاوية سحيقة تردد حائرة سؤالها المرعب:
من انا دونك؟ دونك انا لست انا
تجتر اذيال خيبتها الى ضفاف الشاطئ تخط على فتات الرمال المبللة لهيبها المتاجج تستحضر همسه وكلامه
قال لها ذات يوم اخرس بارد:
ليت لي عصا موسى حتى اشق على هذا البحر طريقا يوصلني الى الضفة الاخرى ...اريد ان احقق احلامي
انظري هناك ...اترين الافق الرحب هناك حيث تغيب الشمس لتشرق مرة اخرى فثمة السعادة...
ثمة الحياة صديقتي....هناك!!
تجري مسرعة ...تخور قواها تشم على التراب موطئ اقدامها من هنا مرا يلامسان عبق الصخور
هنا التقيا اول مرة هنا جلسا يتعاهدان كلما اشتبكت ايديهما عناقا ابديا تنهض تجري في كل اتجاه
كمن اصابها مس
تقترب من الامواج تبلل شعرها المتفحم والافق يتلالا امامها يغريها تنظر وراءها حيث المباني كاشباح الظلام
تخطو والموج يريد ان يلفظها من جوفه لكنها صممت تصرخ: انتظرني يا زوجي ...لن تخوض المستحيل وحدك ..
قد تواعدنا اتذكر ...يازوجي ...اتذكر...
تخطو ترتمي تغوص في لجج الماء المتلاطم كفراشة تذروها الرياح والبحر يمتد ويتراجع في سنفونية متوازنة
والطيف على التراب لايزال مرسوم منحوتا لم تبتلعه الامواج
..
..
هذه زفرة انسانة لم يبقى لها سوى وجع الذكريات المؤلمة ...انها هنا وهناك تطاردها في كل مكان وزمان
زفرة قلم ترجمت لكم عن احساس لم تجمده قسوات الايام ولا مرارة الفراق
زفرة قلمي النحيل ابثها لكم هنا بين تراب ابجديتكم ارجو ان تجد وقرا بين نفوسكم
أحداث هذه القصة هي من نسج خيالي ليس لها صلة بالواقع
أتمنى أن تنال اعجابكم
دمتم بالف ود ولكم مني ارقى التحية والتقدير
بقلم اختكم :أسماء السعيدي

 

 

 

 


 لا الله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين



شمعة وفا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس