(شبكة ومنتديات الشميلات الرسمية)

(شبكة ومنتديات الشميلات الرسمية) (http://alshemailat.com/vb/index.php)
-   واحة الخواطر و النثر (http://alshemailat.com/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   صور من فقه الأسباب (http://alshemailat.com/vb/showthread.php?t=975)

أنور الجدي 05-10-2008 05:19 PM

صور من فقه الأسباب
 
صور من فقه الأسباب
د. عبد الكريم بكار 2/10/1429
02/10/2008

نحن بني الإنسان مفطورون على الاستكثار من الخير، حيث إننا نتطلع دائماً إلى الحصول على أكبر قدر ممكن من كل خير وأجود شيء من كل مرغوب، لكن نيل الأشياء لا يكون بالتمني، وإلا لم يكن هناك أي مشكلة.
تلفت نظري دائماً العلاقة بين (الكم) و(الكيف) أو (الحجم) و(النوعية) وأحاول فهم تلك العلاقة وتحليلها وانعكاساتها لها الذي يظهر لي أن جوهر تلك العلاقة يقوم على الأطراد العكسي أي أن تحسين النوعية يتطلب تقليل الحجم، والإفراط في الكم والحجم يكون على حساب الكيف والجودة والنوعية، والسبب في هذا هو أن إنتاج الكم يحتاج إلى طاقة وإمكانية، كما أن تجويد النوعية تحسينها يحتاج كذلك إلى طاقة وإمكانية، وبما أن طاقاتنا وإمكاناتنا –مهما عظمت- هي في النهاية محدودة، فإننا نجد أنفسنا مخيَّرين بين توجيهها إلى (الكم)، وتوجيهها إلى (الكيف)، وهذا معروف على نحو جيد لدى الاقتصاديين، حيث إن هناك دولاً مثل (الصين) و(كوريا) تعمد إلى إنتاج الكثير من السلع ذات الجودة المنخفضة، وهي تحقق أرباحها من وراء إغراق الأسواق بالسلع الرخيصة، وهناك دول مثل (ألمانيا) و(السويد) ومعظم الدول الغربية تعتمد أسلوب الإنتاج (عالي الجودة والأقل كماً، وتحقق الأرباع الطائلة عن طريق الأسعار المرتفعة جداً لمنتجاتها، فهي لا تنتج الكثير، لكنها تنتج ما تنتجه بمواصفات عالية جداً.
الآن دعونا نقدم بعض الصور التطبيقية لتفسيرنا لهذه العلاقة:
1- تدرك إدارات الشركات الكبرى مأزق تضخم الحجم، وأنه قد يعوق تحقيق نمط إداري رفيع، ولهذا فإنها تعمد إلى تقسيم الشركة إلى أقسام عديدة، وتحاول جعل كل قسم مستقلاً في أمور كثيرة، وتحاول التخلص من بعض المنتجات غير المربحة حتى تخفف من حجم أجهزة الإنتاج، وكل ذلك لإيمانها بأن إدارة الهياكل الكبيرة تنطوي على الكثير من المشكلات، ويكون تحقيق الجودة العالية فيها أمراً صعباً هذا الكلام ينطبق على الحكومات أيضاً، حيث صار من الواضح أن تضخُّم الأجهزة الإدارية لأي دولة يكون مدعاة لترهلها وضعف أدائها، كما أنه يُفسح الطريق لفساد العريض وذلك بسبب عدم تمكن العناصر الخيرة من فرض سيطرتها وبسبب صعوبة الحصول على أعداد كبيرة من الموظفين الأكفاء والمستقيمين. ومن هنا فإن الرؤية الإسلامية في هذا الشأن تقوم على أن الدولة لا تدير، ولا تنتج إلا ما يعجز الناس عن إدارته إنتاجه. ومن هنا فإن الذين يطلبون من الحكومات المزيد من الخدمات يدفعونها دفعاً إلى أن تطلب المزيد من الصلاحيات، وأن تعمل على توظيف المزيد من الناس، وهذا يؤدي إلى تضخم الأجهزة الحكومية، وهذا يتولّد عنه الكثير من الفساد وتجربة الدول الاشتراكية واضحة جداً في هذا الشأن.
2- يقضي طالب الدراسات العليا في إعداد رسالة (الدكتوراه) وقتاً طويلاً قد يصل إلى خمس سنوات، وبعد تلك المدة الطويلة قد يكون البحث عبارة عن مئتي صفحة، وهذا لأن الباحث سوف يناقش في كل كلمة كتبها، كما أنه يسعى إلى الوصول إلى نتائج ومعطيات مبتكره إذن هو يصرف جهده في الحصول على (النوعية)، وهي تكون على حساب (الكم) أما كتّاب (الموسوعات) فإن لهم شأناً آخر حيث أنهم يتعاملون مع عدد كبير من المواد العلمية المشتتة والمتباعدة لهذا فإنهم يجدون أنفسهم عاجزين عن تحقيق تلك المواد وغربلتها من الأوهام والأفكار غير المختبرة.. ولهذا فإن حسّ إنجاز الكم، سيظل مسيطراً عليهم إلى حد بعيد، ومن ثم فإنك تجد الواحد منهم قد يكتب ثلاثة آلاف صفحة في خمس سنوات.
3- في مجال التربية نجد الصورة نفسها، حيث إن طاقة الوالدين تحث على الجلوس مع الأبناء ومتابعتهم وحل مشكلاتهم هي طبعاً محدودة، بهذا فإذا قلنا: إن الأب يستطيع تخصيص ساعة في اليوم للجلوس مع أبنائه، وإن الأم تملك ثلاث ساعات لذلك فإن من الطبيعي أن يتلقى ثلاثة أطفال متقاربون في أعمارهم ورعاية الأبوين واهتمامهما ضعف ما يتلقاه ستة أطفال من أبويه فالكم لا يكون إلا على حساب الكيف، والعكس صحيح ولك أن تقول مثل هذا في التعليم، حيث إن طلاب الفصل حين يكونون عبارة عن خمسة عشر طالباً، فإنهم يتلقون من رعاية معلمين ومتابعتهم ضعف ما يتلقاه طلاب فصل مكوَّن من ثلاثين طالباً. هذا هو التحليل المنطقي، وقد نجد ما يخالف هذا حيث نرى في بعض الأحيان سبعة من الشباب الممتازين الذين نشأوا في أسرة واحدة، ونرى إلى جانب ذلك أسرة لم ترزق إلا بولدين ومع ذلك أخفقت في تربيتهم، وهذا لا يعود إلى مسألة تقسيم جهد الأبوين على الأطفال، وإنما يعود إلى عوامل أخرى مثل توفيق الله –تعالى- أو العامل المادي أو البيئة العامة.
في حديث القصعة: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم..." (دلالة) واضحة على أن مشكلة أمة الإسلام في بعض مراحل تاريخها -ومنها مرحلتنا هذه– لا تكون في الكم وإنما في الكيف، وهذا ملموس لليهود في العالم كله عبارة عن خمسة عشر مليوناً (أي أقل من سكان القاهرة) ومع ذلك فإن تأثيرهم في السياسة العالمية والاقتصاد العالمي أكبر من تأثير مليار ونصف من المسلمين، كما أن العلماء اليهود الذين حصلوا على جائزة (نوبل) أكثر من العلماء المسلمين أليس في هذا ما يدعو إلى التأمل؟

الشميلاني 05-10-2008 06:17 PM

رد: صور من فقه الأسباب
 

أنور الجدي

اسمح لي أن اهنيك على الطرح القيم الذي يناقش مشكله عالميه
واغلب دول العالم تسعى لأيجاد حلول لهذه المعضله الصعبة الحل
ولو تذكرنا بالفتره الأخيره ما اعلن عنه الرئيس الأمريكي بهذا الشأن
وعن الصعوبات التي ستواجه دول العالم جميعها

انور الجدي اهني نفسي واهنئ شبكة ومنتديات الشميلات بوجودكم
متمنيآ أن نرى ما ابداعك وروعة وجمال مواضيعك المفيده

دمت بعافيه اخي

ابن الشميلات 06-10-2008 06:54 PM

رد: صور من فقه الأسباب
 

مشكور اخوي انور على الطرح
القيم والرائع والجميل

لك تحيتي وتقديري

عواد بن عيسى 10-10-2008 01:40 PM

رد: صور من فقه الأسباب
 

مشكور أخوي انور على حسن النقل وماقصرت ..

بدر الشمال 28-11-2008 08:41 PM

رد: صور من فقه الأسباب
 
انور الجدي

اشكرك على حبك لمنتداك واعضائه

وحرصك على تقديم المفيد والقيم لهم


لك تحيتي وتقديري

الوافي 28-11-2008 09:42 PM

رد: صور من فقه الأسباب
 
مشكور أخي أنور

خيال القضاه 09-12-2008 01:53 PM

رد: صور من فقه الأسباب
 
انور الجدي

اشكرك اخووووووي على هذا


الموضوع الطيب والقيّم والشيّق


تقبل مروووووووووووووووووري



تقبل مني خالص التحيه


الساعة الآن 05:33 PM.


Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

جميع الحقوق محفوظة لشبكة ومنتديـــات الشميـــلات الرسمية
vEhdaa 1.1 by rKo ©2009